العرض في الرئيسةفضاء حر

هندسة الصراع في جنوب اليمن .. ما مصير هادي..؟ وهل تتحضر “عدن” لجولة مسلحة تعيد سيناريوهات الصراع الجنوبي الجنوبي..؟!

يمنات

عبد الخالق النقيب

[email protected]

يتصرف هادي من الرياض كرئيس مغامر يستطيع تذكير أبو ظبي أنه لازال الرئيس الشرعي، وأن عاصفة الحزم لن تتخلى عن كليهما “الشرعي والرئيس”، و إن فعلت فستسقط شرعيتها و تتحول دولياً إلى عدوان و ليس حرباً من أجل إعادة الشرعية، استمرت حالة التأزم بين هادي والإمارات تتفاقم حتى في ظل تدخلات المملكة، إلى أن أصبح الرئيس المدعوم من دول التحالف العربي “رئيس عاطل” و غير قادر على العودة إلى عدن، فالمطار و الميناء لا يخضعان لقوات حماية تدين له بالولاء كرئيس.

عقب إقالة هادي لنائبه خالد بحاح ثم عيدورس الزبيدي محافظ عدن المقال و هاني بن بريك وزير الدولة المقال انتقلت المواجهة بين هادي و الامارات إلى طور جديد، فبرغم تعطيل صلاحياته المتعلقة بقرارات إقالة و تنصيب مسؤلين حكوميين “مدنيين وعسكريين” عقب تشكيل ما عرف بـ”اللجنة الثلاثية”، و هي اللجنة التي باتت تتمتع بصلاحيات اتخاد القرارات والإشراف عليها بدلاً عن هادي، وتضم اللجنة التي تم تشكيلها في جدة ممثلاً عن المملكة السعودية و ممثلاً عن دولة الإمارات إضافة لـ”علي محسن” نائب هادي في الرئاسة، و بالتالي فإن تجريد هادي من صلاحياته، و إبقاءه رهن إقامة جبرية في الرياض و عدم السماح له بالعودة إلى مدينة عدن أثارته على أعلى المستويات، انتظر هادي لقاء الملك سلمان أو حتى المسؤل الأول عن العاصفة، و حين تعذر عليه الأمر انتهز إجازة العيد وأصدر آخر قراراته بإقالة ثلاثة محافظين أعلنوا تأييدهم للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يرأسه عيدروس الزبيدي محافظ عدن المقال و ينوبه هاني بن بريك وزير الدولة المقال، و عين من قيادته المقربة بدلاً عنهم في حضرموت و شبوة و سقطرى في تحدٍ صارخ للجنة الثلاثية.

الآن الهدف العملي في مدينة عدن هو في التحريض و دفع المقالين من قبل هادي إلى تزعم الشارع لتقويض شرعية الحكومة و تنصيب شرعية بديلة تخضع لهندسة تتفق مع مواصفات أبوظبي التي تتمدد على نطاق واسع في الجنوب مستفيدة من حالة اللاحرب و اللاسلم و تحقيق أهدافها بانسجام مع الرياض، الرياض التي تبدو متفرغة لحراك دولي أبعد، و تلعب بارتياح بعد توسع مساحة المناورة أمامها منذ الرئاسة الترامبية، و بعد أن سلمت لها الولايات المتحدة الملف اليمني لتتصرف فيه بحرية مفتوحة و بأجل غير مسمى.

إذاً خرج الصراع إلى العلن و يكاد الأمر أن يخرج عن السيطرة أيضاً، ما يعني أن موجة من صراع النفوذ تنتظر مدينة عدن و تمضي نحو الذورة، و أن تعدد الأقطاب المسنودة بالقوة يتيح أمامها خوض تنافس محتدم على إدارة المدينة و المناطق الجنوبية.

و يرى مراقبون أن تحذيرات رئيس وزراء الحكومة المدعومة من التحالف العربي واحدة من أهم المظاهر التي تعيشها مدينة عدن و المدن الجنوبية، و أن تحركاته و نشاطه في الأيام الأخيرة و تعمده تفقد و زيارة المناطق التي تتكتل فيها قيادات معارضة للحكومة تأتي رداً على تهديدات المجلس الانتقالي الجنوبي للحكومة بتدخله في إدارة المحافظات الجنوبية و انقاذها من فشل الحكومة، و ربما طردها، أحمد عبيد بن دغر الذي طاف مدينة عدن أراد أيضاً الاستعراض و تحدي القوى المسلحة التي لا تخضع لسلطة حكومته و تتجول في المدينة باريحية مطلقة، و لربما بدت أول مظاهرها بشكل يخل بوجود الدولة ليل الجمعة الماضية بانتشار أعداد كبيرة لقوات مكافحة الإرهاب تابعة للمحافظ المقال، خرجت إلى شارع المعلا الساحة المعدة لاحتفال الحراك بذكرى 7 يوليو في خطوة وصفها كثيرون بأنها استعراض من قبل عيدروس الزبيدي محافظ عدن المقال و رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، ما يعني أن دولة داخل الدولة الغائبة أصلاً تتواجد الآن بكثافة و في كامل المناطق التي تحضر فيها أشكال الدولة.

لا السعودية و لا الإمارات قادرة على التخلي عن هادي على الأقل في الوقت الحالي و إلى أن تنتهي عمليات عاصفة  الحزم، غير أن خلط الأوراق و تعدد اللاعبون و القوى المدججة بالسلاح هو ما يعزز خطورة احتمالية دخول البلاد في جولة جديدة من الصراع الجنوبي الجنوبي على نحو محتدم يتم التحضير له في عدن، و هو ما عده البعض قراءة موضوعية لرئيس وزراء حكومة عدن التي حذر منها و تنبئ بإرهاصات و تحركات ميدانية لم تعد خافية، ما يرسم ملامح سوداوية لمستقبل الجنوب في المرحلة القادمة، قد تعيد أحداث يناير في ثمانينات القرن الماضي إلى الواجهة، إذ شهدت مدينة عدن أسوأ اقتتال بين الفرقاء الجنوبيين “الزمرة و الطغمة” و التي سقط فيه آلاف القتلى، و هو ما ذكر به رئيس وزراء الحكومة المدعومة من قوات التحالف العربي.

في تراتيب الأحداث التسلسلية و قبل أن تتضح تحذيرات رئيس الوزراء في عدن على ذلك النحو العلني، خرج الوزير المقال هاني بن بريك و هو نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي مهدداً بحسم المعركة عسكرياً مع الحكومة الشرعية اليمنية حسب تعبيرة قائلاً انهم مستعدون للجوء إلى السلاح دفاعاً عما أسماه الذود عن الكرامة، و غرد بن بريك على حسابه “تويتر”: (لم نضع سلاحنا بعد ولم تجف دماء شهدائنا ولم تبرأ جراح جرحانا، ومن أدمن ساحات القتال واستنشق البارود مستعد للذود عن كرامته وذاك عشقه وإدمانه) ما يترجم سيناريوهات مواجهة مقبلة تنتظر المحافظات الجنوبية و تجعلها مفتوحة على أكثر الاحتمالات خطورة.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى